بين الإنحلال وسفك الدماء .. نشوة ابن سلمان بغير ” رقابة أبوية ” !!
بين الإنحلال وسفك الدماء .. نشوة ابن سلمان بغير ” رقابة أبوية ” !!
محمد عيدروس العمودي
ينضوي مفهوم الحرية بما تمثله من رقي وسمو على تشجيع الثقافة والفكر والأدب والفنون بما تحويه تلك المفاهيم من معان وأهداف يأتي على رأسها نقل رسالة أخلاقية للمجتمع الذي تنبع منه ، والتعريف بالزخم الحضاري للأمة ” أي أمة ” عند شعوب العالم الأخرى ، ومن جانب آخر فإن الحرية بمفهومها المعرفي تضع حدا للتدخل المفرط من قبل الجماعات الدينية التي تحشر أنفها في كل شاردة وواردة مرتبطة بالبحث العلمي على طريقة ” العصور الوسطى ” الأوروبية ، وهو مابدا جليا طوال السنوات الماضية التي عزلت فيها الوهابية المجتمع السعودي عن كل جديد علمي يسهم في تحقيق التطور والتنمية ، في الوقت الذي اقتصرت في أساليب تحقيق الرخاء على الإقتصاد الريعي المتعلق بالفائض النفطي .
ومنذ تولي محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد حدثت عدة تغييرات في المملكة تحت إشرافه المباشر، ومن ضمنها تقييد صلاحيات ماعرف ب ” هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” ، كما أزاح الفكر الوهابي عن تصدر المشهد السعودي ، بالإضافة إلى عدة قرارات أخرى وصفت بأنها مثلت نقلة نوعية ساهمت في تحرير الشعب السعودي من الفكر الديني المتشدد الجاثم على صدورهم لسنوات ، ولكن : هل ساهم ذلك التحول في تغيير عقلية وتوجه المواطن السعودي نحو الرقي المعرفي والفني ؟!
بالطبع لا !! ، إذ أن التغيير الذي أحدثه ولي العهد السعودي لاينم عن فكر وثقافة ورؤية مبنية على نقل التراكمات الحضارية والمعرفية وتجارب الشعوب المتقدمة لبلده ، وهو مايفسر دعمه الكبير لما عرف ” بهيئة الترفيه ” التي يديرها ذراعه الأيمن ” تركي آل الشيخ ” ، وقد رأينا نوعية الحفلات المقامة برعاية تلك الهيئة التي لم تقدم للشعب السعودي سوى سطحية فن ” العولمة” وانحلال عصر ” الأمركة “.
لقد حول محمد بن سلمان الشعب السعودي إلى zombies أو ” الأحياء الأموات ” ، وهو الأمر الذي انعكس على استيعابهم لقالب الحرية في عقل ولي العهد ، وشاهدهم العالم يوم أمس في عيد القديسين أو ” الهالوين ” ، وهم يلبسون تلك الأقنعة على وجوههم ، وفي الوقت ذاته كانوا يرتدون الأثواب والشماغات ذات الطابع العربي بشكل مثير للسخرية وكأنك ترى مسوخا أو مخلوقات غريبة هبطت على الأرض ولايعلم من أين مصدرها ، ومن هنا سننقلكم لتفسير تلك الشخصية التي صنعت كل تلك الفوضى في المملكة وخارجها مذ عرفناها ، بناء على معطيات نشأتها وتصرفاتها منذ امساكها بزمام الأمور في المملكة.
تقارير عديدة تطرقت لطفولة ابن سلمان أكدت بأن العائلة المالكة في السعودية عرفت عنه إدمان ألعاب ” البلاي ستيشن ” ، وبعض تلك الألعاب التي تصدر لما يعرف ب” الجيمرز ” تتسم بالتشجيع على العنف ، وبمناسبة الهالوين ، فإنه يجب تعريف القارئ بأن إحدى تلك الألعاب يبدأ مسارها بقصة ” عيد القديسين ” وما تحويه تلك المناسبة من أزياء تنكرية ، فيما يقوم بطل اللعبة باختيار الزي والقناع الذي يناسبه ، ثم ينفذ المهام المطلوبة منه ، والتي تحوي قتلا وجرائم بالجملة ، وغالبا ماتكون مصحوبة بالنشوة .
وبما أن متعة تلك الألعاب تكمن في سفك الدماء ، فإن الأطباء وذوي تخصص علم النفس الإجتماعي يحذرون منها بشدة لأنها قد تحول الطفل إلى ” قاتل متسلسل ” ، وكم سمعنا عن حوادث وجرائم مختلفة معظمها في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تبدأ بدخول طالب يحمل السلاح لإحدى المدارس لينفذ جريمة شنيعة ضحاياها من أقرانه وزملاء دراسته ولاتستثني معلميه ، وعند التحقيقات عادة مايصل المختصون إلى نتيجة مفادها تأثر ذلك الطالب بتنشئة نفسية غير سوية وأسبابها قد تكون ” قسوة الأب ، أسرة متفككة ، ألعاب العنف الألكترونية في ظل غياب الرقابة الأبوية ” .
ويعترضنا هنا تساؤل جلي : أليس مايحدث من هراء تحت مزاعم الإنفتاح في السعودية ، وحملات الإعدام التي تأتي على هيئة مجازر جماعية بحق المعارضين ، وجرائم الحرب في اليمن بحق النساء والأطفال ، يتوسط كل ذلك قيام فريق – بأمر مباشر من ابن سلمان – بقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي بالمنشار ، أليس كل ذلك انعكاس لعقلية ” القاتل المتسلسل ” المتأثر بألعاب العنف في ظل غياب رقابة الوالدين ؟!.