زحلة” على صفيح التحالفات الساخن: العائلات والأحزاب تعيد رسم الخريطة قبل 2026

“زحلة” على صفيح التحالفات الساخن: العائلات والأحزاب تعيد رسم الخريطة قبل 2026
بيروت ـ أحمد موسى
زحلة بين التحفّز والقلق
زحلة تتّجه نحو معركة انتخابية غير تقليدية عام 2026، عنوانها تحالفات متحركة وخرائط قوى جديدة. العائلات تستعيد أدوارها التاريخية، والأحزاب تعيد التموضع وسط غموض في التوازنات. التحالف الذي سينجح في الجمع بين العائلة والرمزية والخدمة سيكون الأقدر على كسر الجمود وكسب الحاصل.
في المقابل، تبقى شخصية سيزار المعلوف نقطة الجذب الأبرز التي قد تُعيد رسم المشهد النيابي في البقاع الأوسط، فيما «القوات اللبنانية» تُحافظ على زخمها، و«التيار الوطني الحر» يعيد الحسابات، و«تيار المستقبل» يتهيّأ للعودة الهادئة. زحلة إذاً تختصر لبنان: مدينة تقف على صفيح التحالفات الساخن، تنتظر من ينجح في هندسة التوازن بين الولاء والانتماء والمصلحة.
🔹 المشهد السياسي العام في زحلة
تعيش مدينة زحلة حالة ترقّب غير مسبوقة مع اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية لعام 2026، حيث تتقاطع المصالح بين العائلات التقليدية الكبرى والأحزاب السياسية، في مشهد يعيد رسم الخريطة المحلية على نحو متسارع.
فالمدينة التي شكّلت تاريخياً عنواناً للانقسام بين الكتلة الشعبية بزعامة آل سكاف وخصومهم، باتت اليوم ساحة مفتوحة لتحالفات جديدة تتجاوز الانتماءات الطائفية أحياناً، وتستعيد في الوقت نفسه نبض العائلة والبلدة والمصالح الخدماتية.
وفي ظل هذا التجاذب، تسعى قيادة التيار الوطني الحر محلياً إلى إعادة التموضع عبر تواصل متجدّد مع شخصيات من عائلة المعلوف وبعض المستقلين، في محاولة لاستعادة التوازن داخل المدينة ذات التركيبة المارونية–الأرثوذكسية–السنية المتداخلة.
ويبرز في هذا السياق صعود اسم القيصر سيزار المعلوف الذي نجح في تكوين حالة سياسية وعائلية متمايزة تمتد من زحلة إلى البقاع، ما جعله رقماً صعباً في أي لائحة انتخابية وورقة حاسمة في معادلة الحواصل والصوت التفضيلي.
🔹 القوات اللبنانية تستعيد الزخم… و«الكتلة الشعبية» في مفترق طرق
منذ الانتخابات البلدية الأخيرة، سجّلت القوات اللبنانية حضوراً متقدّماً في المشهد الزحلاوي بعد نجاحها في حصد مواقع مؤثرة داخل المجلس البلدي، إضافة إلى نتائجها اللافتة في الاستحقاقات الحزبية لعام 2025. وتشير الوقائع إلى أن القوات “حققت انتصاراً مزدوجاً في زحلة رغم تحالف معظم الخصوم ضدها”.
في المقابل، تواجه الكتلة الشعبية تحدّياً وجودياً بعد غياب الزعيمة ميريام سكاف عن النشاط السياسي المباشر، وتراجع حضور آل سكاف التقليدي في بعض الأحياء التي كانت تُعتبر “خزانها الانتخابي”، ما جعل تحالفاتها السابقة، خصوصاً مع التيار الوطني الحر، موضع مراجعة دقيقة.
🔹 التيار الوطني الحر بين حلفاء الأمس وخصوم اليوم
يخوض التيار الوطني الحر مراجعة شاملة لعلاقاته وتحالفاته في زحلة، بعد فشل التجارب السابقة مع القوات اللبنانية، وتراجع قاعدته الشعبية بفعل الاستنزاف السياسي والاقتصادي على المستوى الوطني، ما يضعه أمام اختبار صعب في استعادة حضوره الفعلي داخل المدينة.
🔹 «المستقبل» يعود من الباب السُنّي… و«العائلات» تُراقب
بعد فترة من الغياب، يعود تيار المستقبل تدريجياً إلى المشهد الزحلاوي والبقاعي، من خلال تنشيط كوادره البلدية والاجتماعية وفتح قنوات تنسيق مع فعاليات عائلية في مجدل عنجر، برالياس، سعدنايل وتعلبايا.
ويؤكد متابعون أن التيار يسعى لتثبيت حضوره كقوة وازنة في التوازن السُنّي والبقاعي، من موقع المراقب حالياً والمفاوض لاحقاً.
🔹 العائلات الزحلاوية… اللاعب الخفي في كل المعارك
رغم تراجع نفوذ الزعامات العائلية في السنوات الأخيرة، إلا أنّ العائلات الزحلاوية ما تزال تمسك بمفاتيح اللعبة الانتخابية.
من آل سكاف وآل المعلوف وآل فريجة وآل فتوش إلى آل عقيقي وآل الميس، تسعى كل عائلة إلى توظيف امتدادها الاجتماعي لخدمة مرشحيها أو تحالفاتها المرحلية.
ويقول مصدر محلي لـ”ميديا برس ليبانون” إنّ “زحلة لا تُحسم بالأحزاب وحدها، بل بالتفاهمات العائلية الدقيقة التي تجري خلف الكواليس، وغالباً ما تُترجم قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات”.
🔹 التموضع الشيعي والبقاعي: حضور هادئ ومؤثر
يحافظ الثنائي الوطني على تموضع هادئ في زحلة، يقتصر على دعم حلفائهما التقليديين في القرى ذات الامتداد الشيعي المحيطة بالمدينة، خصوصاً في تعنايل وقب إلياس وتعلبايا، دون الدخول في مواجهات مباشرة داخل المدينة ذات الغالبية المسيحية–السنية.
ويُطرح في الكواليس اسم شخصية شيعية عامة مستقلة تتمتّع بقبول واسع في الأوساط الزحلية، قادرة على أن تشكّل نقطة تقاطع بين المكونات المحلية، بما يضمن حضوراً مؤثراً ومتوازناً للتموضع الشيعي في المشهد العام.
🔹 معادلة 2026: تحالفات متحركة ونتائج غير محسومة
تؤكد مصادر انتخابية مطلعة أن التحالفات المقبلة في زحلة ستكون الأكثر تعقيداً منذ عام 2009، إذ تتبدّل الاصطفافات مع كل تطوّر سياسي على الساحة اللبنانية.
فـ«القوات اللبنانية» قد تميل للتحالف مع شخصيات مدنية، فيما يسعى «التيار الوطني الحر» لإعادة تثبيت موقعه عبر تفاهمات جديدة، في حين يواصل «المستقبل» بناء جسر العودة إلى البقاع، بينما يتحرك الناخب الشيعي من موقع الاعتدال والتوازن.
🔹 الخلاصة: زحلة تختصر لبنان
زحلة اليوم مرآة مصغّرة عن لبنان، تجمع بين العائلة والطائفة والحزب والمصلحة. تحالفاتها لا تُبنى فقط على البرامج، بل على ذاكرة طويلة من العلاقات الشخصية والخدماتية والمنافع المحلية.
ومع اقتراب عام 2026، تقف المدينة فعلاً على صفيح التحالفات الساخن، في انتظار من يملك القدرة على جمع المتناقضات تحت لواء واحد.






