الضربة الإسرائيلية المفترضة على إيران.. مخاوف من التصعيد والتورط الأميركي.. وهوكشتاين صندوق بريد أحرقته نار الميدان
الضربة الإسرائيلية المفترضة على إيران.. مخاوف من التصعيد والتورط الأميركي.. وهوكشتاين صندوق بريد أحرقته نار الميدان
بيروت|أحمد موسى
في خضم التوتر المتصاعد بين طهران وتل أبيب، أجرى سلاح الجو الإسرائيلي مناورات عسكرية فوق البحر المتوسط، تضمن محاكاة لرحلات طويلة المدى والتزود بالوقود جواً في إطار الاستعداد لضرب أهداف حيوية (…) في العمق الإيراني. تزامناً ، حراك سياسي وديبلوماسي عربي ودولي واقليمي يصول ويجول بين دول القرار والمنطقة ، يتوسط تارة وساعي بريد تهديدي أخرى ينقلها إلى لبنان من تل أبيب وواشنطن ولندن ، وبين الديبلوماسية
والتحذيرات الدولية لبنان يتمسك بحقه في م-ق-ا-و-م-ة المحتل و”المواجهة المفتوحة”، لأن “ما تسمعون يختلف عما ترون” ، ولتأكيد المؤكد جاءت المبصرات بهدهدها لينقض العصف المأكول على وليمة حملت الصيد الثمين في عمق العمق وبنيامينا مثالاً ورسالة تحد وصمود كبيرين ، ملاحم يسطرها ا-ل-م-ق-ا-و-م-و-ن على جبهة الجنوب ، إسرائيل تعترف “حدث صعب هنا وخبر مؤلم هناك”، وبين الصعب والألم “فقدان الاتصال بفرقة وانقطاع الاتصال بأخرى”، وحديث عن “أسر” ، جبهة ساخنة وفي عمق العمق إرباك والملايين قابعة في الملاجئ ، وأن قيادة التحكم والسيطرة على جبهة الجنوب قائم وسليم بل بأعلى جهوزية وبدقة عالية في صالح ا-ل-م-ق-ا-و-م-ي-ن، ومعسكرات التدريب للواء غولاني غارقة في دماء القتلى والجرحى من جنوب حيفا إلى تل أبيب وما بينهما ترمى أقصى القوم.
أما في إيران، فالقناعة “التهديدات الإسرائيلية جدية” وعلى مرمى حجر، وأن من ضمن الأهداف “منشآتها النووية”، وإن حصلت إيران على تطمينات أميركية “بتحييدها” ومعها المنشآت النفطية الرئيسية ، فالضربة قائمة لا محال ، وبنك أهدافها وضع ونتنياهو وقع القرار ، لكن التنفيذ “أميركياً”، وبدأت داخل أروقة القيادتين السياسية والعسكرية أن “رفع الجهوزية الردعية العسكرية في البلاد إلى مستوى أعلى”، خاصة وأن بنك الأهداف تعدت القواعد الجوية والعسكرية والأمنية والتجسسية ووزارات الدفاع والأمن وقواعد الجو-فضائية ومنصات إطلاق الصواريخ البالستية والفرط-صوتي وقواعد المسيرات.
المناورات الإسرائيلية بمشاركة أميركية وبريطانية “حاكت توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية” ، وما تصريح المسؤول الأمني الأميركي وليام بيرنز بشأن قدرة طهران على إنتاج قنبلة نووية في غضون أسبوع هو “تأكيد المؤكد مسبقا على لسان الإيرانيين”، لكنه تحفظ على تحديد فترة زمنية لتحول بلاده إلى قوة نووية في حال صدور قرار سياسي من هرم السلطة ، وإن جاء على ضوء “النقاشات المتواصلة بين تل أبيب وحلفائها الغربيين” بشأن استهداف المنشآت النووية الإيرانية، فالجانب الأميركي يرسل “إشارات تحذيرية” من القيام بخطوات قد تبرر لإيران صناعة القنبلة النووية، وبالتالي فإن أميركا والأجهزة الأمنية الغربية على معرفة تامة بـ”قدرات طهران لصناعة القنبلة النووية” منذ فترات طويلة، وتتضمن رسالة للجهات الغربية بأن “أي مغامرة فاشلة باستهداف المنشآت النووية الإيرانية قد تتجاوز “الفتوى الدينية”.
فالتحول الميداني العسكري الدولي والتهديدات الإسرائيلية بمهاجمة أهداف حيوية في إيران والتحشيد الغربي لإسنادها، “لن تكون لقمة سائغة للعدو الإسرائيلي”، لكنه لن ينجو من تداعيات قراره بمهاجمة العمق الإيراني ، كل ذلك يعيدنا إلى اللقاء الأمني الثلاثي “الأميركي – الإيراني – العماني” وبعلم وبمراقبة عن قرب (…) “الإسرائيلي”، ذلك يدلل على “المفاعيل والحجم والأهداف” ، لا سيما في ظل تلويح إيران بوجود “مفاجآت قادرة على تغيير موازين القوة على مستوى العالم وأنها قد تكشفها في الفرصة المناسبة”.
المنشآت النووية الإيرانية
تتوزع المنشآت النووية في إيران على 4 أقسام، هي مناجم اليورانيوم، ومراكز البحث، ومواقع التخصيب، والمفاعلات النووية التي تشتمل 5 مواقع رئيسية تقع في مدينة بوشهر على الشواطئ الشمالية للمياه الخليجية، ومدينتي أصفهان ونظنز وسط البلاد، وقرية فوردو القريبة من مدينة قم الواقعة على مسافة 150 كيلومترا جنوب العاصمة الإيرانية، ومدينة أراك الواقعة غرب مدينة قم.
وتؤكد أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية أن إيران أقامت العديد من المنشآت النووية المحصنة بشكل محكم جدا في باطن الأرض وفي مناطق متباعدة وبشكل مضلل، مما يجعل من المستحيل على سلاح الجو الإسرائيلي أو الأميركي ضرب جميع هذه المنشآت النووية، كما أن هناك صعوبة في حصول هذه الأجهزة الاستخبارية على معلومات دقيقة عن المنشآت ذات الثقل الرئيسي في هذا البرنامج النووي، والتي يكفي ضربها لوقف عملية الإنتاج برمتها، إضافة إلى أن هذه المنشآت محاطة بدفاعات جوية قوية تتألف من مضادات للطائرات وبطاريات صواريخ أرض/جو مضادة للطائرات أيضا، كما تخضع لحماية مشددة من الحرس الثوري الإيراني.
تحذير أميركي
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن حذر إسرائيل من استهداف المواقع النووية أو منشآت الطاقة الإيرانية، مطالباً بأن تكون أي ردود على الهجمات الإيرانية الأخيرة “متناسبة” (أي وفقاً لما حددته الإدارة الأمريكية الأمنية السياسية) ، كما دعا وزير الدفاع الأميركي نظيره الإسرائيلي إلى “تجنب تصعيد الوضع بشكل أكبر” ، إلا أن التقديرات الإسرائيلية لم تجد “أعظم فرصة منذ 50 عاماً” لتدمير البرنامج النووي الإيراني وشل النظام الإيراني بشكل كامل أفضل من هذا الوقت ، إلا أن إسرائيل تواجه تحديات لوجستية كبيرة في تنفيذ ضربة على إيران، رغم الضغط السياسي والشعبي الذي تواجهه في حثها على مثل هذا الفعل.
لكن علينا أن لا نغفل الصراع الدائر بين لبنان وإسرائيل ، خاصة وأن جبهة جنوب لبنان وتطوراتها الدراماتيكية وضعت القيادة الأمنية والسياسية على محك من “تراكم النكسات المؤلمة والموجعة ميدانياً وأمنياً” ، ففي الميدان الوضع لا يبشر بصوابية النشوة الإسرائيلية السابقة ، أما أمنياً فأصيب الكيان بنكسات ثقال وليس آخرها استهداف منزل رئيس حكومة الكيان الصهيوني (نتن ياهو)، وهو الأكبر أمناً وتحصناً ، وبالتالي فإن هذا الاختراق يشغل عمق الكيان وما بعده مروراً بالمطارات العسكرية والمدنية والبنى العسكرية والمدنية والإدارية والنفطية والبتروكيماويات والصناعات الثقيلة على مستوى الكيان وصولاً حتى “ديمونا”. وعلى وقع تلك النكسات للكيان الصهيوني جن جنونه ملهباً لبنان من جنوبه حتى شماله ومن بقاعه حتى العاصمة بيروت ، يصل المفوض السامي الجديد آموس هوكشتين إلى بيروت ليس للتفاوض على وقف إطلاق النار وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة ، إنما كساعي بريد أمريكي إسرائيلي بريطاني “نفذوا القرار 1701 معدلاً تحت النار” ، والجواب سيلقاه سريعاً في “الميدان”: “أنظر إلى كيانك إنه يغرق في نار سعرها رجال الميدان”.
في الخلاصة عطلت أنظمة الملاحة والمواقع العالمي الـ(GPS) وهذا يدلل على واحد من اثنين: إما بدء عملية استهداف إيران وعرقلة تحديد الأهداف الإيرانية داخل الكيان وإما مناورة تعكس تشتيت الجبهة اللبنانية ، وفي كلا الأمرين “مغامرة بداية سقوط الكيان والهزيمة”.